عز الدين ميهوبي
عزالدين ميهوبي شاعر جزائري يكتب
الشعر بنكهة خاصة ونفس طويل. لا يمكن أن تشعر بملل أو تكرار أو ضياع مهما
طالت القصيدة، فهي تبوح بأسرارها وتكشف عن جمالها وهي مستمرة في بناء
تكوينها الجميل والافصاح عن مكنوناتها. وكما يبدع في الشعر الحر، فإنه يبدع
بذات القدر في الشعر الكلاسيكي لأنه يمتلك اللغة التي لا تنضب مفرداتها،
والاحساس العالي الذي يطور القصيدة بلا ملل ويملأها بالمعاني والصور.
ولد في عام 1959 بعين الخضراء، بولاية المسيلة. درس الفنون الجميلة،
والآداب. وتخرج في المدرسة الوطنية للإدارة عام 1984.
اشتغل بعد تخرجه
بالصحافة منذ عام 1986، وتولى رئاسة تحرير جريدة الشعب حتى عام 1992. كما
عمل في الاعلام وتقديم البرامج المتخصصة في التلفزيون الجزائري. أنتخب
عضواً في البرلمان الجزائري 1997عام ممثلاً لحزب التجمع الوطني الديمقراطي،
كما أنتخب في السنة التالية رئيساً لاتحاد الكتاب الجزائريين 1998. يشارك
بفعالية في اللقاءات والمؤتمرات والندوات الشعرية والادبية في الجزائر وفي
عدد من العواصم العربية والاجنبية.
حصل على الجائزة الوطنية
للشعر في عام 1982، والجائزة الأولى لأفضل نص مسرحي محترف 1998.
ومن
دواوينه: في البدء كان أوراس، اللعنة والغفران، النخلة والمجداف، خيرية،
شيء كالشعر، الرباعيات، الشمس والجلاد، عولمة الحب عولمة النار. كما قدم
الأوبريت والمسرحية، ومنها: زابانا، قال الشهيد، الدالية. والجدير بالذكر
أنه نال الجائزة الأولى للأوبريت عام 1987.
وأحب أن أقدم له
في هذا المقام مقاطع من قصيدتين من أبدع القصائد في الشعر الجزائري المعاصر
ومن أكثرها إحترافاً سواء لجهة مواضيعها أو روحها الحداثية القلقة .
عولمة الحب ..عولمة النار
أتنفس
من رئة الكلمات،
وتخنقني هدأة الصمت،
أقتات مني
ومني يكون الفتات.
أنا طائر من ألق،
ولي بينكم وطن من
ورق،
شارع من نزيف المسافات
يأخذني لحدود الغسق.
أنا طائر المتعبين بأحلامهم،
ليس لي أجنحة،
وطني ساحة
للجنازات والأضرحة،
أنا طائر أتعبته النجوم، فمات.
أتنفس
من رئة الصمت والكلمات،
فلتلبسني المقبرة،
وتحرق أشرعتي
المجمرة.
هل أنا وردة من رحيق المساء
أم الوردة إنكسرت
في نهايات صمتي، ولم
تحترق؟
أتنفس شيئاً من الحب،
لا الأوكسيجين يوزع في رئتي
بقايا الذي كان مني،
ولا
القب يهرب من نبضه عندما يختنق.
خرجتُ من الكلمات،
لم
يكن شارع الشهداء طويلا....
كما كان قبل مجيء صديقي الذي قال
شعراً ومات.
وصلت النهاية...
كل الشوارع تغلق أبوابها في
مسافات
عيني...
صديقي الذي مات،
لوّح بيديه
وألقي منديله في العراء وفات.
عاشق
أوراسي
ناءٍ بصمتـــكَ معقـودٌ بـــكَ الأرقُ
تقلبُّ الطرفَ والأهدابُ تصطفـقُ
تصغي لهمسكَ في المرآة
مكتحلاً
بملـح صبـركَ والسـاعات ُ تأتلـقُ
تقـول
قلبــي مســافـاتٌ محنّـــطةٌ
بين الضلوع وتدري سِرَّكَ الطرقُ
تقول وحدي سوى الجدرانِ تعرفني
والصبرُ بينـي وبيـن
الناس يُعتنــقُ
وحدي أفتش عن وجهٍ يسامرني
فَتُغلِـقُ الأرضُ أبوابـي فأنغلــقُ
أراود الشعر أيامـاً
فتفضحنــي
عيون قافيةٍ خرســاءَ لا تثـــقُ
ويرحل
الصمت مهزوماً وفي شفتي
بُقيا حديـث الأمانـي والرؤى مِزَقُ
وحدي على مرفأ الأيام تحملنـي
قواربُ التيه والأمـواج
تحتــرقُ
يا واقفيــن ببـاب العمــــر أرّقنــــي
صمتُ القصيد..فأوهى صمته الشفقُ
" أُوراسُ" آتٍ كما الأمطار
يحملني
نبض القوافي ويدنو من دمـي الألـقُ
"أُوراسُ"
فتّشْ جيوبي تلك ذاكرتي
لا شيءَ غيرُ بقايا العمرِ.. تحترقُ