الدكتور نصر فريد واصل- المفتي الأسبق للديار المصرية-: "العمل التطوعي فريضة، وليس من النوافل. فالله تعالى يقول في كتابه العزيز: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"{المائدة:3}. وفي ظل الحالة الاقتصادية السيئة التي نعيشها، يجب على الشباب والموسرين التوجه إلى الجمعيات لمساعدة الفقراء والمحتاجين".
ويضيف الدكتور واصل: "لا مانع من استفادة المتطوع ماديا أو معنويا، شريطة أن يتقي الله، فلا يعقل أن تطلب من رجل أن يتفرغ للعمل التطوعي، ويترك أهله وبيته بدون مصاريف. كان من الأولى به أن يكفي بيته، وحتى لو كان من الأغنياء". مشيرا إلى أن للمتطوعين الحق في تقاضي أجر نظير عملهم؛ لأنهم من العاملين على الزكاة، ولهم الحق في تقاضي بعض أموال الزكاة على سبيل الأجر، ولكن دون مبالغة في الأجر، ومع مراعاة النظر إلى أجر المثل، ولكن من فعل ذلك ابتغاء وجه الله دون أخذ مقابل مادي -طواعية منه- فجزاه الله خيرا، وهو بلا شك أفضل".
ولا يجد الدكتور علوي أمين- أستاذ الفقه بكلية الشريعة جامعة الأزهر- حرجا في إمكانية جمع المتطوع بين نيتي التقرب إلى الله والانتفاع الدنيوي، وتلا علينا قوله تعالى: "لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ" {الحج:29} وعلق على الآية: "ذكرت هذه الآية في الحج، وهى أرقى عبادة يؤديها الإنسان؛ لذلك فمن الممكن أن يجمع المتطوع بين الثواب في الآخرة والمكاسب الدنيوية".
ويؤكد الدكتور علوي أن خدمة الوطن جزء من الإيمان، وقص تجربته الشخصية مع العمل الخيري: "اهتممت بالعمل الخيري، منذ كنت صغيرا، ولم أفوت أي فرصة في الالتحاق بالمعسكرات التي تقدم خدمات للمجتمع، فلم يعش ذلك الإنسان الذي لم يؤثر فيمن حوله ويكن نافعا لهم"، ويبين أن العمل التطوعي كله استفادة، متسائلا: "أليست خدمة الوطن إفادة؟ أليس التعامل مع الناس في مثل هذه التجمعات في حد ذاته اكتساب خبرة؟ ألا يقضي وقته في فعل الخير؟ أليس ذلك كله استفادة؟!".
شفاء نفسي
وتوضح الدكتورة إنشاد محمد -أستاذة علم النفس جامعة المنوفية- أن هناك مزايا اجتماعية وسيكولوجية تعود على المتطوع؛ إذ يستفيد كثيرا من احتكاكه بالناس، فيتعلم الثقة بالنفس، والقدرة على اتخاذ القرارات، والعمل الجماعي، ما يعد أفضل وسيلة للتدرب على العمل في المستقبل بالنسبة للشباب صغيري السن، وعلاج فعال للعديد من الأمراض النفسية مثل الخجل، والانطوائية.
وتقول الدكتورة إنشاد: "كثيرا ما ننصح المكتئبين بالنزول إلى الجمعيات الخيرية، وممارسة العمل التطوعي؛ حماية لهم من الاستمرار في الاكتئاب، وللقضاء على الوحدة التي يستشعرونها" موضحة أن: "التطوع في الجمعيات الخيرية يعلم الانتماء للوطن، والبذل، والتضحية، وهي صفات نحتاج إليها كثيرا في شباب المستقبل؛ حيث لا يمتلك كثير من شباب اليوم أي حس وطني"