في قديمِ الزمان.. عاشَ ملكٌ غريبُ الطباعِ، يظلمُ أهلَ مملكتِهِ، ويسلبهم أموالَهم، ويغصبهم محاصيلَهم، فأنهكَهم الفقرُ والجوع..
ذات يوم..
كانتِ الملكةُ تحادث الملك، فسمعتْ أصواتاً تستغيث..
أطلَّتْ من نافذة القصر، فرأَتْ على بابه ناساً كثيرين، أجسامهم هزيلةٌ، ووجوههم شاحبة..
شاهدَ الجائعون الملكةَ، فأخذوا يصرخون:
- نريدُ أن نأكل.
- نريدُ طعاماً.
- أشبِعونا يوماً واحداً.
- إننا جائعون.
- إننا جائعون.
رجعَتِ الملكةُ إلى زوجها، وقالت حزينة:
- إنَّني لأرحمُ هؤلاء.
- لا يستحقّونَ الرحمةَ
- أعطِهم بعضَ ما جنَوْهُ بعرقهم.
- لن أعطيهم شيئاً.
- سيهلكون جوعاً!
- لقد أجعْتُهم عمداً.
- لماذا؟!
قال الملك:
-جَوِّعْ كلبَكَ يتبعك.
قالتِ الملكةُ:
-جَوِّع كلبَكَ يأكلك.
ضحكَ الملكُ كثيراً، حتى ارتجَّ بطنُهُ المنفوخ..
قالتِ الملكةُ:
-أتضحكُ والناسُ يألمون؟!
شمخَ الملكُ بأنفهِ، وصاحَ بجندِهِ:
-اطردوا الكلابَ عن بابِ القصر.
تراكضَ الناسُ مسرعين، والجنودُ يضربونهم بالسياط..
صبرَ الجائعون طويلاً..
افترسَ الجوعُ كثيراً منهم.
ماتَ أطفالهم على أيديهم، وهم يطلبون الطعام..
نفدَ صبرهم.. اضطرمَتْ نفوسهم غضباً.
اقتحموا القصرَ، وقتلوا الملك.
فتحوا مخازنَهُ..
وجدوها ملأى بحبوبٍ، قضوا أعمارهم في جمعها. حملوا منها ما استطاعوا، وعادوا إلى بيوتهم فرحين..
نظرَتِ الملكةُ، إلى زوجها القتيل، وقالت:
-نصحتكَ كثيراً، وما أصغيت!
وسالَ من عينيها، دمعتانِ حارّتان.