منارالسجود
مشرفة قسم المراة والمنتديات الاسلامية
الاوسمة : عدد المساهمات : 737 نقاط : 1551 السٌّمعَة : 24 تاريخ التسجيل : 23/08/2010
| موضوع: محاضرات في تاريخ الجزائر الجمعة 14 يناير 2011 - 11:43 | |
| المحاضرة الأولى:
الأوضاع السياسية و الإقتصاديةو الإجتماعية في أروبا عشية الإحتلال الفرنسي للجزائر
تمهيد : لعل المتمعن في صفحات التاريخ الأوروبي مع مطلع القرن السادس عشر و بداية القرن السابع يجد الوجه الأروبي قد تغير نحو الإيجاب و خصوصا أثناء القرن الثامن عشر و ذلك بعدأن خرجت أوروبا من حروبها الضيقة الإقليمية إلى البحث عن سبل الوحدة و ترك سلبيات الكنيسة إلى الإحتكام إلى التوجهات الجديدة المنبثقة عن أفكار التنوير و الغقلنة ،و أضحى التوازن جليا بين عالم الأمس الذي إتجه نحو التراجع و العالم الأوروبي إلى خط لنفسه ويكشف عن نواياه التوسعية بفضل تحسينه أوضاع مختلفة: 1/الوضع السياسي: إن الدارس للوضع السياسي في أوروبا منذ النصف الأخير من القرن18 يجده يتميز بروح الوفاق و التضامن الأوليين نحو النظرة التوسيعية عكس ما كانت عليه قبل هذه الفترة و بالخصوص خلال التوسعات النابليونية في أوروبا و فارجها و لعل الشيء الذي ميز أوروبا أيضا مع بداية القرن التاسع عشر هو بروز قوتين كبيرتين تتمثلان في قوة فرنسا و عظمة بريطانيا و البحث لكل منهما عن مناطق نفوذ إلى ما وراء البحار خصوصا بعدما أصبحت الدولة العثمانية تسمى بالرجل المريض و حان الأوان لإقتسام ممتلكاتها و ذلك ما عرف بالمسألة الشرقية و حتى إيالة الجزائر بإعتبارها كانت تابعة للباب العالي. و إذا كانت الثورة الفرنسية التي عرفتها فرنسا سنة 1789 تحت شعار الإخاء و المساواة و الحرية فإن نظرة فرنسا للجزائر كانت سابقة لهذا التاريخ بل يعود إهتمامها بشمال إفريقيا إلى مرحلة الإمتيازات التي تحصلت عليها خلال عهد فرانسوا الأول و سليمان القانوني خلال سنة 1535. و كانت شعارات الثورة الفرنسية قد إيقضت العديد من دول أوروبا بغية الوحدة المنشودة مثلما هو الشأن بالنسبة لإيطاليا و ألمانيا و إسبانيا و حتى روسيا إذ عرفت هذه الأقاليم حركات تحريرية ضد الانظمة الديكتاتورية و ظهرت ثورات كالثورة الشعبية في إسبانيا سنة 1812و في روسا سنة 1825، و محاولات الإتصال المتكررة عن أراضي الدولة العثمانية في أراضي البلقان و التي آلت إنفصال الحرب سنة 1804 و إستقلال اليونان سنة 1830 و بنفس الوتيرة إستقلت بلجيكا عن هولندا كما انفصل بولونيا عن روسيا و المجر عن النمسا و رومانيا عن الباب العالي. و يمكن القول أن هده الحركات الإنفصالية أخدت الشيىء الكثير عن مبادىء الثورة الفرنسية ، هده المبادىء التي كسرت أسس الإقطاع و زعزعت أركان الرجعية والإستبداد ، و لكن إنعكاس ذلك كان على أرزّوروبا أكثر من غيرها ، لأن فرنسا لم تنقل إلى الجزائرإلا ما يتعار ض أساسا مع مبادىء الحرية و المساواة ، و اختارت بذلها السيطرة و الهيمنة و الإحتلال لأرض ليست لها ، و إستعبدت شعبا بإسم الحرية و اليموقراطية تحت ذريعة تأذيب الاي حسين آخر دايات الجزائر 2/ الوضع الإقتصادي و الإجتماعي: لقد استطاعت دولة أروبا و بالخصوص فرنسا و بريطانيا أن تغير من أوضاعها الإقتصادية و الإجتماعية ، و خصوصا بعض وصول الطبقة الوسطى البرجوازية إلى السلطة و الإستيلاء على دواليب الحكم ، و بذلك تشكلت أنظمة سياسية جديدة غيرت من البنية الإجتماعية ، و عززت من وسائل الإنتاج ، و خرجت من صراعات الكنيسة ، و إعتمدت على حركة العقلنة و التنوير ، وكل ذلك عزز من القيم الإجتماعية و من ظروف المعيشية فازدادت المواليد و نقصت الوفايات ، و استغل الهرم الإجتماعي لبناء أروبا الحديثة التي طلقت عهد الظلام و التي إمتازت به فترة العصور الوسطى . ولعل من العوامل المساعدة إيضا على بناء وجه أروبا الحديثة هو إنتشار مظاهر الثورة الصناعية و إزدياد الطلب على المواد الأولية ، و أصبحت الضرورة ماسة إلى البحث عن الأسواق الخارجية للتصدير ، و من ثم أضحى التكفل بالطرق التجارية و البرية حتمية ملحة ضد المخاطر الخارجية ، و بالضبط ضد الجزائر التي كانت تلبسها أروبا تهما خطيرة كقضية القرصنة و الإعتداء على السفن العابرة في البحر الأبيض المتوسط . ولذلك فلاغرابة أن نجد دول أروبا تتحالف ضد الجزائر لإحباط هذا الشبح المتمثل في البحرية الجزائرية التي كانت رافعة لراية الجهاد البحري للحفاظ على الدولة الإسلامية ، بل ونجد القضية الجزائرية قد أدرجت في جدول أعمال مؤتمر فيينا 1815 ، و كذلك مؤتمر إكس لاشبيل سنة 1818 ، و بذلك أضحت الضرورة ماسة لتكسير شوكة الجزائر و هيبتها الدولية و من هنا نجد أروبا و كأنها قد شعرت بمرحلة جديدة سادها عنصر التفوق ، و إنتقلت من مرحلة الصمود إلى مرحلة جديدة تجلت في سياسة التوسع و الهيمنة لحماية مصالحها و البحث عاى مناطق نفوذ عديدة ، و تجلى ذلك في العديد من التحرشات التي قامت بها على سواحل البحرالأبيض المتوسط ، وخصوصا ما كان على شواطىء الجزائر ، وكل ذلك جر بالعلاقات الجزائرية الأروبية إلى عملية المد و الجزر ، بل أحيانا إلى طريق مسدود. و من بين الدول الأروبية التي إهتمت بالقضية الجزائرية دولة فرنسا التي شنت في العديد من المرات غاراتها على سواحل الضفة الجنوبية من المتوسط ، و بالضبط سواحل الجزائر ، كما تحالفت في العديد من المرات مع البحرية الأروبية لإضعاف شوكة الجزائر ، و لعل خير مثال على ذلك مشاركة فرنسا في معركة نافرين بجنوب اليونان سنة 1827 ضد الأسطول العثماني الذي ناصره وقتها الأسطول الجزائري ، هذا الأخير الذي إعتبر أن التحالف الأروبي كان تحالفا صليبيا ضد الدولة العثمانية الممثلة للخلافة الإسلامية . ونظرا لإختلال التوازن بين القوتين البحريتين العثمانية و الأروبية ، فإن الغلبة كانت لأروبا التي خرجت من ظيم العصور الوسطى إلى مرحلة التنوير و قيام الثورة الصناعية .و يعد إنهزام الجيش العثماني و معه البحرية الجزائرية إيذانا واضحا على بداية التحرش الفعلى الفرنسي على سواحل الجزائر بعد تكسير أسطولها البحري و زوال هيبة إنكشاريتها ، و كانت فرنسا تسعى دوما لإزالة الجزائر من الخريطة السياسية الدولية ، و إعتبر الكثير من المؤرخين الفرنسيين أن عملية الإحتلال أضحت ضرورية و تاريخية و حتمية ، و أنه حان وقتها لجني ثمار قرون عديدة من التربص للإنفراد بإحتلال الجزائر ، هذه الأخيرة التي أصبحت في أواخر عهد الدايات تعيش جملة من الصعوبات أثرت عليها سياسيا بعدما لاح في الأفق فتور في العلاقات بين دار الساطان بالعاصمة و البيالك الأخرى سواء في قسنطينة بزعامة أحمد باي ، أو بايلك التيطري بقايدة بومزراق ، أو بايلك الغرب ، و أصبح العامل المشترك هو الدنوش السنوي الذي يدفع لخزينة الدولة بالجزائر العاصمة .و كل ذلك إنعكس بالسلب عاى البنية الإقتصادية و الإجتماعية و حتى الثقافية للجزائر عشية الإحتلال .مما مكن القوة و الحملة الفرنسية بقيادة دوبورمون من إحتلال الجزائر في صائفة 1830 .
المصادر و المراجع المعتمدة في المحاضرة: 1/ الدكتور جمال قنان ، نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر الحديث 1500-1830، ط1 ، المؤسسة الجزائرية للطباعة 1987. 2/ الدكتور أبو القاسم سعد الله ، الحركة الوطنية الجزائرية ، القسم الأول ، ط1 ، المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر1992 3/ الدكتور محمد العربي الزبيري، مدخل إلى تاريخ المغرب العربي الحديث ، ط2 ، الشركة الوطنية للنشر و التوزيع 1985. سعد الله ، محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث (بداية الإحتلال )، ط3 ، الشركة الوطنية للنشر و التوزيع 1982 .
| |
|