منارالسجود
مشرفة قسم المراة والمنتديات الاسلامية
الاوسمة : عدد المساهمات : 737 نقاط : 1551 السٌّمعَة : 24 تاريخ التسجيل : 23/08/2010
| موضوع: محاضرات في تاريخ الجزائر الجمعة 14 يناير 2011 - 11:46 | |
| المحاضرة الثالثة : الحملة الفرنسية على الجزائر 1830. في يوم 30 جانفي 1830 قررت الحكومة الفرنشية برئاسة بولينياك بشن الحملة العسكرية على الجزائر .و في يوم 4 فباير أقر شارل العاشر مشروع الحملة ، و أصدر مرسوما ملكيا بتعيين الكونت دى بورمون قائدا عاما للحملة ، و الأميرال دو بيري قائدا للبحرية ، و منذ ذلك التاريخ بدأ الفرنسيون بتجهيز الحملة بصفة رسمية ، و حتى تكون مستعدة مع أواخر شهر ماي و أوائل شهر جوان على الأكثر خاصة لصلاحية الملاحة في البحر المتوسط ، و هكذا صدرت الإدارة الفرنسية بتكوين ثلاثة لجان لإعداد الحملة ، يعمل كل واحد منها منفردا ُم تجتمع سويا برئاسة بولينياك ، و تقدم تقارير عن أعمالها أمام مجلس الوزراء ، و في يوم 2 مارس أعلن الملك عزمه على مهاجمة الأيالة مدعيا أن هذه الحملة لم تكن إلا إنتقاما للداي حسين عن الإهانة التي لحقت بالشرف الفرنسي ، و أوضح أن ذلك العمل يخدم الصالح العام بما فيه العالم المسيحي . كما إستغلت الصحافة اليمينية المتطرفة هذه التصريحات و أخذت تكرر أتهامات فرنسا للداي، وعملت على الرفع من الروح المعنوية للجيش الفرنسي و ذكرت أن الجنود الفرنسيين سينتقمون لكرامة التاج ، و سيخلصون فرنسا و كل الدول المسيحية من إستعباد رعاياها ، و يبطلون الإتاوات التي كانت مفروضة عليهم من قبل الداي ، هذا فضلا على توقيف القرصنة التي كانت تهدد التجارة و الأمن الأروبيين في البحر الأبيض المتوسط ، و من ثم تمت الإستعدادات و التجهيزات لإنجاح الحملة . و لإنجاح ذلك المشروع الإستعماري إجتمعت القوات البرية و البحرية و نسقت فيما بينها لترتيب شؤون الحملة من معدات و دخيرة ، و كان ذلك في المنطقة الواقعة بين ميناء طولون و مرسيليا ، و قد المؤرخون مجموع عساكر الحملة ب 37.600 جندي و 45000 حصان و 91 قطعة مدفعية ، دكما وصل عدد قطع الأسطول إلى 600 سفينة . و تجدر الإشارة هنا إللا أن الحملة قد إشتملت على بعض الضباط و الجنود اللذين خدموا في جيوش نابليون ، و ظلوا يحلمون بعظمة فرنسا و إمبراطوريتها ، و كان بعضهم من الموالين لللآراء الملكية ، و من رجال لويس الثامن عشر و شارل العاشر و المقربين .كما إشتملت الحملة أيضا على بعض الجنود الذين في الحملة الفرنسية على مصر . و كان الهدف من تكوينها بهذا الشكل هو تقريب وجهات النظر بين فصائل الجيش الفرنسي بين التوجه الإمبراطوري و المالكي منذ سنة 1815 ، و جعل هؤلاء العسكريين يفكرون في مهمنهم بذلا من التفكير فيما آلت إليه فرنسا بعد سقوط نابليون ،و للرفع من معنويات الجند الفرنسي وقتها عقد تجمع هام في ميناء طولون قبل إقلاع القوات و توجهها إلى الجزائر ، وقام ولي العهد الفرنسي بتفتيش القوة المعدة للحرب، و كانت الرحلة بطيئة بسبب الرياح الغير مساعدة ، و لذلك إضطرت الحملة للعودة إلى جزر البليار بالمتوسط بعد أن كانت قد وصلت إلى السواحلالإفريقية في أواخر شهر ماي ، و بقيت في البليار حتى يوم 9 جوان ، ثم رجعت إللا السواحل الجزائرية يوم 12 من نفس الشهر ، و بعد وؤية الجنود الفرنسيين لمدينة الجزائر تردد الأميرال في الذهاب و الرسو عند منطقة سيدي فرج . و وقتها أمر الجنرال دوبورمون قائد القوات البحرية و البرية جنده بالرسو في الحال ، و تمت عملية إنزال الجنود في الخليج الغربي لشبه جزيرة سيدي فرج ، و إستمرت عملية إنزال المدفعية و المعدات الحربية ، و خلالها قام الفرنسيون بتحصين شبه الجزيرة و جعلها قاعدة عسكرية لجندهم تشمل مخازن المؤونة و المعدات و المستشفيات ، وواجه الفرنسيون ردود فعل جزائرية تجلت في معارك ثلاثة في منطقة اسطوالي و مصطفى والي و سيدي خالف و قلعة السلطان . و كانت الأولى أهم هذه المعارك و أشدها وطيسا ، و إشترك فيها ما يقرب من 6000 جندي جزائري بقيادة إبراهيم آغا صهر الداي حسين ، و باي قسنطينة و حاول إبراهيم آغا أن يفصل مسيرة الفرنسيين عن بقية قوتهم بمنطقة سيدي فرج ، و قد هاجم هجوما عاما على الخطوط الفرنسية يوم 19 يونيو ، و لإشتدت الهجومات على القوات الفرنسية لكن المعركة خلصت لصالح الفرنسيين ، و حسب رأي الكثير من المؤرخين أن سبب هزيمة الجزائريين يعزى إلى تصرفات الداي غير الرشيدة ، حيث أصدر القيادة إلى صهره آغا إبراهيم الذي لا يعرف أي شيىء في الشؤون العسكرية و ليست له خبرة في شؤون الحرب ، و كان ممكنا للداي حسين أن ينجح في المقاومة لو أنه إلتزم ببعض الأمور منها : 1/ عدم إمهال القوات الفرنسية التي نزلت إلى البحر حتى تكتمل لأن ذلك كان من أسباب رجحان كفتها و تمكينها من التمركز . 2/ إسناد القيادة لمن هو أهلا كباي قسنطينة مثلا الذي أ ظهرمن ملاحظاته و إنتقاداته على خطط إبراهيم آغا ، و أن الباي أحمد كانت له مقدرة و جدارة في الميدان القتالي و العسكري . و على أية حال فإن الفرق كان واضحا بين الفرنسيين و الجزائريين في التكوين و التسليح و المقدرة و المهارة العسكرية ، ذلك أن الجزائريين كانوا يعتمدون على الشجاعة و الكد و الفر السريعي الحركة ، أي أنهم كانوا يعتمدون على مرونة حركاتهم كما إعتمدوا بنادق كانت أقدم من بنادق الفرنسيين ، و إعتمد بعضهم على السيوف في الوقت الذي إعتمد فيه الفرنسيون على خطوط منتظمة تعززها نيران المدفعية مكنها من الثبات في الخطوط بعد توظيفها للأسلحة الحديثة . و هكذا إنتصرت الأسلحة و التكتيك على الشجاعة و المرونة في الحركة . سقوط العاصمة و توسع الغزو في البلاد هكذا إذا أصبح على سكان مدينة الجزائر العاصمة أن يستعدوا للدفاع عن مدينتهم و في يوم 25 جوان عزز الفرنسيون من إمكاناتهم القتالية بالمعدات الكافية لمحاصرة مدينة الجزائر ، بعد أن كانوا قد أنشئوا طريق حربي يصل سيدي فرج بأسطاوالي .، و في يوم 28 من نفس الشهر إجتمعت قوة الفرنسيين و أخذت تزحف في إتجاهات مختلفة نحو قلعة القصبة ووجهت نيرانها صوب برج مولاي الحسن ( قلعة الإمبراطور ) الذي كان يحمي قلعة القصبة بإعتبارها مركز و مقر حكومة الداي حسين ، و كان ذلك يوم 3 جويلية من نفس السنة و لم ينتهوا عن قذفه حتى أسكنوا كل المدافع التي كانت منصوبة فوقه . و تحرج الموقف في المدينة و إنتشرت الفوضى العارمة ، و تأزمت الحالة بين الداي و سكان العاصمة ، و كان من رأي الداي أن يستمروا في المقاومة ، و لكن كثيرا من الناس ألحوا عليه و هددوا بإجابة طلب الفرنسيين و الحوار معهم ، و أمام توسع الهوة بين الداي و عشيرته أرسل الباشا كاتبه مصطفى يعرض على دى بورمون مشروع الصلح بالشروط التالية 1/ يتنازل الداي عن كل الديون التي له على فرنسا. 2/ يدفع الداي نقدا كل ما يطلبه منه للإعتذار على حادثة المروحة . 3/يعيد للتجارة الفرنسية جميع إمتيازاتها. 4/ يدفع لفرنسا جميع نفقات الحملة . و لكن دي بورمون قائد الحملة الفرنسية رفض هذه العروض و أمر و أصر على ضرورة تسليم الحصون و الميناء و القصبة له، ومن ثم كشف للداي عن مقدرته ، مما دفع بالداي من جديد إلى بعث وفد آخر للتفاوض كان من بين رجاله أحمد بوضربة و حمدان بن عثمان خوجة ، و قدمت المجموعة المفاوضة للقائد الفرنسي رأي الداي ، لطن دي بورمون إمتنع عن ذلك و طلب بتسليم المدينة فورا و قدم جملة من الشروطالإضافية منها : 1/أن يسلم الداي للقوات الفرنسية قلعة القصبة و الميناء و حصون المدينة كلها و أبوابها في الصباح أي يوم 5 جويلية . 2/ يتعهد القائد العام بحفظ حياة الداي و حيازته لجميع ممتلكاته الشخصية . 3/يختار الداي بعد ذلك بين البقاء في المدينة مع أسرته في حماية القائد العام ، أو يرحل بهبمن يلوذ به إلى المكان الذي يراه مناسبا له . 4/يقر القائد العام لجميع الجنود الأتراك نفس الحماية من دون تعرضهم لأي أذى . 5/ يتعهد القائد العام بشرفه أن يحفظ حرية الديانة الإسلامية و أملاك الأهالي . و أمام ضعف الداي و هزيمته العسكرية و الديبلوماسية و إنهياره النفسي لم يجد أمامه سوى الرضوخ لهذه الشروط المجحفة في حقه، ووقع معاهدة الإستيسلام مع القائد الفرنسي المنتصر و ذلك يوم 5 جويلية على الساعة العاشرة صباحا و سلم مفاتيح المدينة و خزائنها لفرنسا ، و في يوم 10من نفس الشهر غادر هو الجزائر إلى نابولي فالأسكندرية حيث قضى فيها بقية عمره حتى توفي سنة 1838 ، و برحيل الداي حسين عن الجزائر رحل معظم جنود الأتراكعن البلاد إما خيارا أو قصرا كما نرى لاحقا . أما القوات الفرنسية فبمجرد أن دخلت المدينة وضعت يدها على خزائن الداي و الدولة بعد أن نالت منها يد السلب و النهب من قبل الجنود و الضباط و قد المؤرخون قيمتها وقتئذ ب100 مليون فرنك ، ثم هبط العدد إلى 48 مليون ، و ذلك ما أثار الشكوك لدى إدارة دوبورمون و كون لذلك لجنة خاصة للتقصي و معرفة الحقيقة ، و لكنه أقفل الموضوع حرصا على سمعته و سمعة فرنسا التي قالت للرأي الدولي أنها جاءت للجزائر للثأر من الداي لا غير . و مع ذلك إقترح قائد الحملة أن تقسم الأموال على الجنود و الضباط ، كما يكافئون بتوزيع عليهم الأراضي و إبعاد أصحابها منها ، و لو أن الحكومة الفرنسية رفضت الفكرة . و قد بعث قائد الحملة إلى خزينة فرنسا مامقداره 43 مليون فرنك كتعويض على نفقات الحملة ، و إحتفظ ب 5 ملايين لتسيير الإدارة . و من هنا يتضح جلاء الهدف من الحملة الفرنسية على الجزائر سنة 1830 ، إذ أن هذه الحملة قد إرتبطت بعوامل سياسية و إقتصادية و إجتماعية و دينية صليبية. و مما سبق ذكره نجد أن حادثة المروحة التي ضخمته الإدارة الفرنسية لتحقيق أهدافها التوسعية بشهادة أكبر الساسة الأروبيين محافظية و رجعية في ذلك الوقت إلا سببا واهيا ، فهذا الزعيم ميترنيخ رئيس وزراء دولة النمسا الذي كان من أكبر المحافظين الرجعيين يقول في ذلك الصدد أنه لا يعارض أكثر من 40 ألف رجل للموت و ينفق أكثر من مليون فرنك من أجل لطمة مروحة و الواقع أن فرنسا قد فقدت مستعمراتها الواسعة في كندا بأمريكا الشمالية ، و كذلك في مصر و الهند بآسيا و إفريقيا ، وبدلك زين لها ساستها أنه يتم تعويض ذلك النقصان بإحتلال الجزائر التي تحتوي على نوافع مادية ضخمة ، كما تحصل على خزائن الدولة المملوءة ذهبا و خيرات واسعة كما تجعل من الجزائر موطنا لتصدير الفائض من سكانها الغير مرغوب فيهم ببقائهم في فرنسا من المجرمين و حتى المعارضة ، كما تجعل من مناطق نفوذها بالجزائر سوقا لمنتوجاتها الصناعية و موردا هاما اابحث على الأيدي العاملة الرخيصة و الموارد الغير متوفرة في فرنسا. وبرغم نشوة الإنتصار و الوصول إلى تحقيق الغاية الفرنسية المتمثلة في الغزو و التوسع في الخارج و بناء أبراطورية جديدة ، إلا أن ذلك لم يرق كل الفرنسيين و ظهرت المعارضة بشكل قوي مما أطاحت بشارل العاشر بعد قيامها بثورة جويلية الباريسية سنة 1830 ، و من ثم فقد أسقطت هذه الثورة الحكومة ،كما أحدثت آثارا خطيرة في العلاقات الدولية و في مركز فرنسا نفسها ، ومما يلاحظ أيضا توقف بريطانيا عن معارضتها المألوفة و خصومتها المعهودة لفرنسا فيما يخص القضية الجزائرية . وكل ذلك جعل من السلطة الفرنسية الجديدة أن تحول الرأي العام الفرنسي ‘لأى النظر في مشكلة الجزائر من زاوية المصلحة الفرنسية الإستعمارية و التمسك بالإحتلال التدريجي ريثما يتم التوسع ، و قد عرفت هذه الفترة حتى 1834 ما يعرف بمرحلة التريث .ولو أنها لم توقفالتوسع منذ إستسلام القصبة و تسليم مفاتيح خزائنها ، وبذلك يمكن القول أن الإدارة الجديدة إختارت سياسة التوسع و السيطرة على الأراضي المجاورة للعاصمة وخصوصا أراضي منطقة متيجة برغم المقاومة الشعبية التي لم تنقطع . و الخلاصة من هذا كله أن الإستعمار الفرنسي في الجزائر لم يكن بغتة ، بل كان وفق خطة و منهجية مدروسة منذ قرون خلت ، و إتضح ذلك في مطالبة فرنسا دوما من الايالة الحفاظ على إمتيازاتها في السواحل الجزائرية دون غيرها من الدول الأخرى المنافسة لها .كما أن الإحتلال جاء سهلا بسبب الضعف السياسي و العسكري و الإ قتصادي الذي كانت تعاني منه الجزائر في أواخر المرحلة العثمانية من جهة و من جهة أخرى قوة فرنسا و بناء نفسها من جديد بغية إستعادة ما ضاع منها في المستعمرات الأخرى سواء في العالم الجديد أو في آسيا و بالفعل فقد عوضت فرنسا من جراء إحتلالها للجزائر كل ذلك ، و ما وجدته في خزينة الداي حيبن عوض لها تكاليف الحملة ، بل مسح لها الديون التي كانت عليها للجزائر، و أصبحت فرنسا المنتصرة على الجزائر المهزومة لأن الداي فضل المنفى في الإسكندرية و ترك وقتها الشعب الجزائري تحت نير الإيتعمار الفرنسي الذي دام بقاؤه في الجزائر أزيد من القرن و النصف وكانت الجزائر إحدى جوهراته الإستعمارية . المصادر و المراجع المعتمدة في المحاضرة : 1/ حمدان بن عثمان خوجة ، المرآة ، تعريب محمد العبي الزبيري ، ط2 ، المؤسسة الوطنية للنشر و التوزيع الجزائر 1982. 2/وليام شالر ، مذكرات وليام شالر قنصل أمريكا في الجزائر 1816/1824 ، تعريب إسماعيل العربي ، الشركة الوطنية للنشر و التوزيع الجزائر 1982 . 3/أرجمند كوران ، السياسة العثمانية تجاه الإحتلال الفرنسي للجزائر 1827/1847 ، تعريب عبد الجليل التميمي ، ط2 ، تونس 1974 4/ أبو القاسم سعد الله ، الحركة الوطنية الجزائرية، القسم الأول ، ط1 ، المؤسسة الوطنية للكتاب 1992 . 5/ سعد الله ، أبحاث و آراء في تاريخ الجزائر ، الجزء الثاني ، ط1 ، المؤسسة الوطنية للكتاب 1986 . 6/ جمل قنان ، نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر الحديث ، ط1 ، المؤسسة الجزائرية للطباعة الجزائر 1987 . 7/ محمد المهدي بن علي شغيب ، أم الحواضر في الماضي و الحاضر ، تاريخ مدينة قسنطينة ، ط1 ، مطبعة البعث قسنطينة 1980 8/ المتحف الوطني للمجاهد ، مجلة الذاكرة ، العدد 3 ، الموافق ل خريف 1995 . | |
|